لندن- إن سألت أي بريطاني عن الأشياء التي تجعله فخورا ببلاده، فالأكيد أن شبكة مترو الأنفاق ستكون ضمن اللائحة؛ فهي من أكبر شبكات قطارات الأنفاق وأفضلها في العالم، وتعد العصب الرئيسي للنقل العمومي في العاصمة لندن.
ولم تبلغ الشبكة هذا الحجم والجودة في الخدمات من فراغ؛ فهي الأقدم والأعرق عالميا، وهذه السنة تحتفل لندن بمرور 160 سنة على انطلاق أول مترو أنفاق في العالم، ويتعلق الأمر بخط "متروبوليتان" الذي أُطلق عام 1863 بعد 3 سنوات من الأشغال.
وبعد مرور أكثر من قرن ونصف القرن على إطلاق هذا الخط، بات من أهم خطوط النقل العمومي في لندن، وينقل عشرات الملايين من الأشخاص سنويا، ويعبر عن قصة نجاح بدأت بطموح كبير.
ما سبب التسمية؟
حسب موقع "متحف لندن للنقل" (ltmuseum)، فإن سبب التسمية يعود لكون أول قطار في العالم تم إطلاقه في بريطانيا كان اسمه "قطار متروبوليتان"، ولأن خط الأنفاق كان الأول في العالم، فقد تم إطلاق الاسم نفسه عليه.
من أين جاءت فكرة تأسيس مترو أنفاق؟
عاشت لندن منذ سنة 1850 اختناقا مروريا تحول إلى أزمة حقيقية، مما دفع مجلس المدينة للتفكير في طرق لعلاج هذه المشكلة. وبعد طرح الكثير من الأفكار، تم اقتراح إنشاء قطار تحت الأرض، وهي الفكرة التي دعمها بشكل كبير عمدة مدينة لندن حينها شارلز بيرسون الذي أقنع البرلمان بالفكرة وبالفعل تمت الموافقة عليها.
كيف بُنيت الأنفاق؟
يصف موقع "تاريخ الأنفاق" (Tube History) كيف انطلقت الأشغال سنة 1860 لتشييد نفق من أجل خط "متروبوليتان"؛ لتشكل حدثا عظيما في عاصمة الضباب، خاصة مع المخاوف من تأثر البنايات بالاهتزازات التي ستخلفها عملية بناء النفق، وكانت التقديرات أن بعض المنازل قد تتعرض للانهيار جراء هذه العملية، لكن شيئا من ذلك لم يحدث.
أما عن التقنية التي تم اعتمادها فهي تقنية أطلق عليها "التقطيع والتغطية"؛ وتقوم على بناء خندق بعرض 10 أمتار، وبعد ذلك بناء جدار احتياطي على جانبي الخندق، ثم بناء قوس من الطوب أو من الحديد لتشكيل السقف، وترك مساحة لبناء المحطات.
متى كانت أول رحلة لمترو أنفاق في العالم؟
بعد 3 سنوات من الأشغال، انطلقت أول رحلة لأول مترو أنفاق في العالم يوم العاشر من يناير/كانون الثاني 1863، وقطع مسافة 6 كيلومترات، من محطة "باتنغتون" إلى محطة "فارينغدون"، وشهد المترو نجاحا باهرا منذ أول يوم من تشغيله، إذ استعمله 38 ألف شخص، قبل أن يصل الرقم إلى 9.7 مليون مسافر في السنة الأولى من تشغيله.
كيف تطور خط "متروبوليتان"؟
لم تقتصر أعمال شركة "متروبوليتان" على مترو الأنفاق فقط، بل كانت شركة رائدة في السكك الحديدية، وستقوم سنة 1870 بتوسيع شبكتها انطلاقا من محطة "بيكر ستريت" الشهيرة وسط العاصمة لندن، وفي سنة 1890 ستتوسع أكثر خارج لندن، لتصبح المسافة التي تصلها قطارات هذه الشركات أكثر من 80 كيلومترا انطلاقا من وسط لندن.
هل كانت هناك شركات أخرى تنافس "متروبوليتان"؟
كانت أول شركة تنافس "متربوليتان" على توسيع وتطوير شبكة مترو الأنفاق في لندن شركة أميركية تابعة لرجل أعمال شهير في تلك الفترة، ويدعى تشارلز تيسون يسكس، الذي حاول الدخول في اتفاق مع شركة "متروبوليتان" على شراكة لتطوير الكهرباء في مترو الأنفاق، لكن المفاوضات فشلت بين الطرفين.
ولتقوية مواردها الاقتصادية قررت شركة "متروبوليتان" استغلال الأراضي التي تمر منها قطاراتها، لتعلن سنة 1900 دخول قطاع العقار، وأسست شركة باسم "مترو لاند" لبيع المنازل.
وستظل المنافسة على أشدها بين رجل الأعمال الأميركي الذي سيطر على جل شبكة مترو الأنفاق في لندن، وبين شركة "متروبوليتان" حتى سنة 1933، عندما قررت الحكومة البريطانية دمج كل الشركات تحت مؤسسة عمومية يوكل لها مهمة تسيير النقل العمومي، وهي مؤسسة "لندن للنقل".